»
سؤال وجواب »
سـيرة » رأس الإمام الحسين عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم .. اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد الطيبين الطّاهرين .
سلام ودعاء ، تحية وثناء ، وشكرٌ على تواصلكم ..
اختلفت المؤرخون في مكان دفن الرأس الشريف للإمام الحسين عليه السلام بعد أن طيف به بالبلدان على أقول عدة ..
1. المدينة المنورة : قيل أنّه قد دفنه والي المدينة المنوّرة في مقبرة البقيع ، هذا ما حكاه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ، فقد ذكر أنه دفن بالمدينة عند قبر أمه فاطمة عليها السلام فعندما وصل المدينة كان عمرو بن سعيد بن العاص والياً عليها ، فوضعه بين يديه وأخذ بأرنبة أنفه ثم أمر به ، فكفن ودفن عند أمه فاطمة عليها السلام .
وسيأتي ما ينافي هذا في القول الذي يؤكّد كونه انتقل إلى كربلاء مع زيارة الأهل للقبور في الأربعين ، كما أنّ قبر سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام مختلف فيه جدا ، ولا يعلم تحقيقاً أ هو في حجرتها أو في الروضة ما بين القبر النبوي والمحراب في المسجد أو في غيرها من الأمكنة .
2. الشام : قيل أنّه في دمشق ، ومع هذا اختلفوا في تحديد الموضع .. فقيل أنه دفن في حائط بدمشق ، وقيل في دار الإمارة ، وقيل في المقبرة العامة لدفن المسلمين ، وقيل في داخل باب الفراديس المسمى بـمسجد الرأس ، وقيل في جامع دمشق في المكان المسمى بـرأس الحسين ، وهو مزار معروف ، وأقوال أخرى .
3. مصر : روت بعض المصادر روايتين في انتقاله إلى القاهرة ، الأولى عن الشعراني من أن العقيلة زينب بنت علي عليهما السلام نقلته إلى مصر ودفنته فيه ، والثانية عن المقريزي ومؤدّاها أن الفاطميين نقلوه من باب الفراديس في دمشق إلى عسقلان ، ومنها حمل إلى القاهرة من طريق البحر ، في اليوم العاشر من شهر جمادى الآخرة من سنة 548 هـ ، وقد قام بذلك سيف المملكة مع القاضي المؤتمن بن مسكين ، أيام المستنصر بالله العبيدي صاحب مصر ، وجرى له استقبال ضخم . وليس في المؤرخين من يروي رواية الشعراني هذه ، وفيها ما فيها ، فلا يعقل أن السيدة زينب احتفظت به كل هذه المدة الطويلة حتى سافرت إلى مصر ، ولا روايات تحكي دفنها له في مصر ، ولماذا لم تدفنه في المدينة ! إذا صحّت تلك الرواية طبعاً .. أما رواية المقريزي فإذا كانت حقيقية ودقيقة فإنّه ينقصها الجزم بأنّ الرأس المنقول إليها هو الرأس الشريف للإمام الحسين عليه السلام فعلاً ، فقد يكون إحدى الرؤوس المقدسة للمقتولين بين يديه في كربلاء .
4. فارس : روى ذلك أحمد عطية في دائرة المعارف الحديثة ، وهو قول شاذ لم يستند إلى مؤرّخ معتبر ، وربما يعتمد على بعض تخرّصات من جهة أبي مسلم الخراساني وأنّه لما استولى على دمشق نقله إليها .
5. النجف الأشرف : ومستند هذا القول مرويّات عن أهل البيت عليهم السلام تدلّ على أن الرأس الشريف دفن في الغري ، وفي بعض نصوصها بأنه موضع الرأس ممّا أدّى بعض المحقّقين إلى استبعاد كونه مدفناً ، أما الذي أعتقده أنّ هذا القول له ما يدلّ عليه .. فالروايات عنهم عليهم السلام تروي زيارات للإمام الحسين عليه السلام في حرم أمير المؤمنين عليه السلام في بعض المناسبات ، وهذا يدل على شأن خاص ، وقد روى لي بعض الفقهاء الأعلام المعاصرين في حالات المقدس الأردبيلي أنّه كان غذا زار حرم أمير المؤمنين عليه السلام وطاف بضريحه المقدّس كان لا يقترب إلى ناحية معيّنة من الضريح المقدّس كي لا يمشي عليها ، غحتراماً وإجلالاً لها ، لاعتقاده بأنّها مدفن رأس الإمام الحسين عليه السلام ، ويغلب على ظنّي أنّها في الزاوية اليمنى المقابلة للقبلة الشريفة .
6. كربلاء : وهو المشهور عند السنة والشيعة ، فأبو ريحان البيروني يقول : في العشرين من صفر رُدَّ الرأس إلى جثته فدفن معها ، ويقول ابن الجوزي: واختلفوا في الرأس على أقوال ، أشهرها أنه رُدَّ إلى المدينة مع السبايا ، ثم رُدَّ إلى الجسد بكربلاء فدفن معه ، قاله هشام وغيره ، وعليه الشبراوي والقزويني ،.
ونقل ابن شهر آشوب في المناقب أن هذا هو المشهور بين الشيعة نقلاً عن السيد المرتضى والشيخ الطوسي ، وهو ما عليه المحدّث المرحوم العلامة كالمجلسي ، وابن نما ، وذكر السيد ابن طاووس أن عمل الطائفة على ذلك .
والمعروف من أن الامام زين العابدين عليه السلام طلب الرؤوس الشريفة من يزيد فأجابه مرغماً بعد الظروف التي مرّ بها الحكم الأموي من السخط العام بعد ارتكابه الجريمة الكبرى ، بعد أن خيَّر الإمام زين العابدين عليه السلام بين البقاء في الشام أو الرحيل منها فاختار الرحيل ، فأمر بتجهيز الراحلة مع الدليل ، وكان في خدمة الركب النعمان بن بشير الأنصاري ، حتى وصل الركب إلى مفرق طريقين يؤدي ألول للعراق والثاني للمدينة ، وحاليا هي منطقة في بين حدود الشام والأردن والعراق وتعرف حتى اليوم بالمفرق ، فسئل الإمام عن جهة توجهه بالركب فسأل الإمام عليه السلام عمته العقيلة زينب عليها السلام ، فقالت : قل للدليل يعرج بنا إلى كربلاء لنجدد عهداً بقتلانا وندفن الرؤوس .
وكان وصوله كربلاء في يوم العشرين من شهر صفر سنة 61 هـ بعد أربعين يوماً من الواقعة ، وهو توقيت دفن الإمام عليه السلام الرؤوس مع الأجساد . ولا مانع من أن تكون المشاهد المشرفة المنسوبة للرؤوس الشريفة هي مواضع ومنازل لها ، بعد أن طيف بها بالأمصار ، أو على الأقل : طيف براس الإمام الحسين عليه السلام ، فلا اعتراض على تلك المشاهد التي تربط المسلمين بالقضية وبأشخاصها وتؤدي إلى إحياء ظلاماتهم وأمرهم .
ونسألكم الدعاء .